لا تبتسم أرجوك
ملاحظات: هذه ليست قصة بقدر ما هي خواطر أو هلوسات بدائية عديدة تمت قولبتها على شكل قصة قصيرة، وإني أعتقد أنها أقرب للمقال.
قد تحمل القصمقالة تلك بعض الانتقادات المجتمعية المصرية المحزنة، لذا، إذا كنت مصرياً، وإذا كنت تتحسس من الواقع، فأرجوك، حاول ألا تتحسس، واقرأ بروح طيبة. هي أيضاً قد تكون سمجة لأقصى الحدود لبعض الناس، فأرجو السماح.
أما الملاحظة الأخيرة هي أن الأحداث والشخصيات كلها من وحي الخيال، لكن هذا لا يعني أن شخوصها لا تعيش بيننا، بل نراها وترانا كل يوم.
نادوني بمحمد، أنا مصري في منتصف عقدي الثالث. يقول عمي، إن الابتسامة تفترس من عمر المرء بضع ثوان، ولا يمزح حتى، لا يقولها بروح حبيب حزين يريد أن يقول شيئاً مؤثراً، بل يعنيها حقاً، يقولها كأنما يعلن الحقيقة.
سأشرح، هو يقصد أن الموت والابتسام بينهما علاقة طردية، ابتسم أكثر، تودعنا أبكر. قانون كوني فلكي من نوع ما، شيء أغبى من أن أموت من الضحك عليه حتى.
حينما أريد مشاغبته فيما يقول، أدغزه بكوعي سائلاً:
- وماذا عن الضحكة يا عم!
لسبب ما، كان دائماً ينسى أنها دعابتي التي ألقيتها قرابة المائة مرة -مع الرأفة- عليه، ينسى تماماً لدرجة أنه يجاوب بجدية:
- كلاهما سيان، لكن كتم الابتسامة أصعب من كتم الضحكة.
ثم يلعب بشاربه ويقول بوجه أحسبه يشبه وجه شيرلوك هولمز حينما يبدأ بكشف تفاصيل القضية الخطيرة لصديقه واتسون:
- حذّر من البركان قبل أن تحذر من حريق.
هكذا كان حينما يحاول أن يبدو غامضاً، أو طريفاً بالنسبة لي. مما آراه، شيرلوك لا يملك مثل ذلك الكرش المتخم بخيرات الله، لماذا لم يحذّر من الطعام مثلاً؟ كلما أكلت الكرفس، كلما قل عمرك، ستموت لأن طعمه سيء وحلمات التذوق لديك ستبكي وستفرز مادة الكرفسياتوم السامة، بعدها بثوان ستموت من تأثير تلك المادة بعد تشنجات مؤلمة ورغاو بيضاء على جانبي فمك. لابتعت ذلك لو عرضه عليّ بدلاً من أمر الضحكات ذاك، على الأقل يبدو علمياً، والمرء يصدّق كل ما يبدو علمياً حتى لو يكن صحيحاً. الأمهات بالذات أرض خصبة لتلك التجارب. أعرف هذا، بل أكاد أقدمه في دراسة لأنال درجة الماجيستير. لكم من مرة استمتعت بردة فعل أمي وأنا أخبرها بأساطير علمية اخترعتها في خمس ثوان.
ذات مرة أخبرتها أن جلد الدجاج يحمل بداخله مادة الجلداليوم التي تقوّي المناعة وتقتل بكتيريا الصدع المخي -لا أعلم حتى إن كان هناك شيء يدعى بالصدع المخي- وتفعل حوالي مائة وشيء شيء إيجابي آخر بالجسد، حتى أن الأطباء يدعون فوائده بالمائة فائدة وفائدة تقليداً للتراث العربي القديم، ألف ليلة وليلة، وكان ذلك لأن مكتشفها عربي وأرادوا تكريمه. تمسك رأسها بيدها في اندهاش وهي تسبّح بربها، وأستمتع أنا بالنظرة المرتسمة على وجهها، والتي بالطبع لا تقدّر بثمن. هذه هي مشكلة أمهات العرب، طيبات للغاية، طيبات ولهذا نحبهن حد الموّت تحت أقدامهن في تلك الجنة. أما يومها فغرضي كان تفادي تلك الحركة المستفزة التي تقوم بها قبل كل شواء نقيمه في شرفة بيتنا الصغيرة، إذ كانت تزيل الجلد عن قطعة الدجاج قبل أن تبدأ بتعذيبها على الشواية، وتخرج قطعة الدجاج لنا جافة كحبة زبيب كبيرة مالحة، حاولت إقناعها بأن الدهن والجلد هما ما يعطيان الدجاج طعمه مع تتبيلة الشواء، لكن ماذا أعلم أنا عن الطبخ! ماذا أعلم عن حديث الجارات المقيت؟ لم أعلم أنهن بدلاً من أن يتحدثن عن مصائب تلك، وفضائح ذاك، يتحدثن عن أضرار أكل الجلد لذيذ الطعم بعد الشواء، أضرار موجودة فعلاً لكن مَن يكترث لذلك! ليس نحن بكل تأكيد، منظر أفواهنا التي لم تكف عن مضغ الجلد بينما هي -أمي- تحدثنا عن أضراره، أجبرها على تأخذ القرار. "كلوه نيئاً" تقول وهي تقلّب أوراك الدجاج العارية من جلدها على الفحم الملتهب. وضريبة كذبتي يومذاك؟ صارت تترك الجلد أثناء الشواء، ثم تنزعه بعد الشواء كله وتضعه في طبق كبير أمام أبي، ثم ترمينا بنظرة شرر متوعدة، رب العائلة يا أوغاد أحق منكم بفوائد الجلد -وطعمه سيء ولن يعجبكم بكل حال- رغم أنها رأتنا نفترسه افتراساً.
والرجل العجوز لا يمانع بأكل أي شيء يوضع أمامه، فيمد يده ليلتهم الجلد في نهم، وليصدقني كل مشكك حينما أقول أن فعله هذا بعيد كل البعد عن عدم اكتراثه بصحة لم تعد موجودة، لهذا لم أحاول تنبيهه قط، لأن الحقيقة واضحة جداً، أدعوها "قوة النعمة". قوة غامضة تحضر وقت الغداء والعشاء فقط، تصيب المرء حينما يوضع أمامه أي نوع من أنواع الطعام وغير الطعام، فيأكله حامداً ربه على نعمة ذلك الأرز المشبع بالسمن الصناعي أو الطبيعي.
حفلة ميلاد الكوليسترول في دهون الجسد، سيحمد ربه كذلك على مزرعة النشويات الموضوعة أمامه، وسيلتهمها برضا، ومعها جلد الدجاج، ضيف جديد في حفلة الكوليسترول. ولا تحاولن حتى أن تحدّثنه عن الأمر، سيستخدم دفاعات قوة النعمة على أكمل وجه، وهو ما سيعطيه الحق -الذي يملكه مسبقاً- بأن ينعتك بالجاحد والكافر بالنعمة وبضعة ألقاب أخرى مميزة فعلاً لم تكن تعرف أنها موجودة في القاموس.
أبي عصبي؟ ربما، أعني، أراه عصبياً بعض الأحيان -فقط بعض الأحيان- رغم أن الطبيب حادثه أكثر من مرة بأن يكف عن عصبيته الفارغة الغير مبررة وإلا سيتوقف قلبه مثل حاسوب فُصلت الكهرباء عنه، لهذا لا أجادله كثيراً، وليذهب قلبي قبل قلبه إلى جحيم مستعر، سأختار صمتي وموته البطيء على حديثي وموته المفاجئ.
يذكرني بعمي أحياناً، ومع ذكراه تعود الخواطر الطريفة، كيف يمكن لمرء عاقل أن يقتنع بعلاقة بين الموت والضحك، كلما ابتسم المرء أكثر، كلما مات أبكر، يتردد صدى الجملة في مؤخرة عقلي، عمي المسكين.
لا، لم يكن من شلة المتذمرين تلك، كان فقط صاحب نظرية، والنظرية لم تصاحبه قط، على الأقل في العلن.
في اليوم الذي كان أبي يحتضر فيه على فراش الموت بسبب أسهم عديدة أصابته في مقتل، ومنها سهم الكوليسترول، دخل عمي علينا مسرعاً والعرق يغمر جبينه، وقد كان كثير التعرق بدرجة منفرة. بدا أنه في عجلة من أمره، تفهّمنا مقصده جميعاً، الحب الأخوي يحوم في المكان، اعتقدنا أنه يسرع ليودّع شقيقه العجوز صاحب الستة عقود.
لكنه فاجئنا، أزاحنا بيده بهستيرية، أراد أن يخترق تلك الحلقة البشرية المتجمعة حول فراش كبير العائلة. هو مع لهاثه الشديد، من الصعب على رجل أكرش في الأربعينات أن يصعد الدرج للطابق الخامس في بناية من بنايات الطراز القديم، تلك التي تجد فيها درجة السلم بدرجتين من درجات بنايات الزمن الحديث المائعة، كل شيء حديث مائع، ربما كان العجزة معهم حق في تلك.
يقول عمي بعد أن ارتمي على ركبتيه أمام السرير:
- حميد! أرجوك لا تبتسم! أرجوك لا تبتسم! ستموت لو ابتسمت، حميد!
شمعة تحترق ولا تنتهي، يذوب طرفها القريب من النيران، وتهبط القطرات فوق رؤؤسنا لتلسعنا مؤقتاً، أقولها بلا اكتراث، عمي صدّع رؤوس العائلة رأساً إلى رأس بتفاهاته عن علاقة الموت بالابتسام، والوقت ليس مناسباً لإعادة تلك الثرثرات إلى سطح الحديث، كدت وقتها أن أخبره بأن الوقت ليس مناسباً لذلك، لكن ما حدث كان عجيباً بحق! وقتها، لسبب ما، ولإرادة السماء، وجد أبي الأمر مضحكاً، فضحك بوهن، ثم تركت الروح الجسد.
أعلم. أعلم! أعي ذلك جيداً.
ليست إلا صدفة، فقط صدفة، لكني رأيت ذلك الجزء بداخلي، ذلك الجزء الصغير، شعرت به وهو يتّقد. أستطيع أن أسمع صفارات الإنذار بداخل دماغي، شيء ما كان يشتعل، وأشتم أنا رائحة الدخان.
ربما هي رغبة دفينة بإبعاد اللوم عني، يصاحبها سؤال يحوم حول رأسي المشتعلة بدماء تدخل إلى دماغي فتسبب صداعاً يستفزني إلى أقصى الحدود، نبضات ألم تجلدني، سؤال يلح عليّ منتظراً إجابة. "لماذا، يا حقير، لم تخبر أمك بحقيقة جلد الدجاج؟ كنتَ تعرف أنه يزيد من مستوى الكوليسترول في الدم! كنت تعرف وآثرت الصمت!" أحاول الدفاع عن نفسي "اسمع يا ذاك، كانت مزحة، حسناً؟"
يدٌ وهمية، لا، يدان، أشعر بهما، يرتميان على صدري ويجذبانني من قميصي، والصوت الخشن المصاحب لهما يزأر "مزحة؟!! مزحة يا بن ال****" ثم يفلتني وتطالني منه لكمة قوية تطيح برأسي للخلف فأمثّل أنها أصابتني وأرمي برأسي للخلف وأنا أسحب دخان سيجارتي، أهفّه ولازال نظري معلقاً بالأعلي، أعصر ما بين أصبعيّ بغضب، تلك رفيقتي، أطلبها بلؤم كلما أثقل رأسي شيء ما، أترين كيف يعاملني العالم القاسي؟ لقد لكمني للتو! تعالي، تعالي وربتي على كتفي بدخانك أيتها الفاتنة. قصة عجيبة أقول، قبل أن أدري، صرت منهم، أولئك الذين يدخنون لأن الحياة قاسية، حجة منطقية بالمناسبة، ماذا يفعل المرء حينما يشعر بالحزن؟ يفعل شيء يحب فعله، والمدمن يحب الدخان. أبتسم حينما أتذكر حديثي مع أمي ذات يوم بعيد.
- بني، صحتك، التدخين.
ثلاث كلمات فقط، قالتها وكانت كافية كي أفهم مقصدها.
- أمي، بائس، الدخان.
قلتها وأظن أنها قد افتهمت حجتي الشهيرة، أدخن لأروّح عن أحزاني. تطوْح بيدها في شراسة:
- يعني أنت حزين طوال الوقت يا موكوس!
نيتشه؟ متى تلبست روح نيتشه أمي؟ متى صارت بهذه الحنكة! هي لا تدرك الأمر لكنها وقتّها كانت قد سددت لي ضربة قاضية آلمت عقلي الذي ظننته ذكياً، هو ذاته الذي يسقط أرضاً ويغيب عن العالم، ينام على أرض الحلبة، والحكم المتجسد بشكل علبة سجائر يرفع يده ويعدّ عليه "سيجارة، سيجارتان، ثلاثة سجائر، أربعة سجائر.... "
بينما هو ملقى هناك يسعل دخاناً، يفقد وعيه ويزوره حلم غريب، رأى سيجارة تتخذ شكل أنثى حسناء، لديها قدمان مكان العقب، صهباء وشعر رأسها يشتعل واقفاً، يتموّج بين الحين والآخر، أخبرته بعد أن اقتربت من أذنه وهمست بحمرة شفتين مثيرة "حان الوقت للكف عن صنع الأعذار، يجب أن تخبرهم حقيقة ما ببطني"
يبتعد عقلي عنها وينزوي في ركن ثم يجهش في بكاء مرير، كيف سيواجه العالم! تقترب منه السيجارة المثيرة ثم تقول بصوت مسموع عكس سابقه "حان الوقت لتعترف، ابني، النيكوتين، هو المسبب لإدمانك، العلم يعرف إجابتك، أنت تعرف إجابتك، أجهض مني ابني إذا أردت الحياة، وإلا، فالهلاك لك وحدك"
أستيقظ محملاً بالعرق على صراخ أمي، وحينها أتذكر، أبي مات اليوم!
حدث الأمر في الشواء الثاني بعد مزح... أقصد كذبتي، في الشواء الأول نسيت إخبارها بأني كنت أمزح، فأكل العجوز ما أكل، أما الثاني بعد شهرين فمنعتني ظروف العمل من أن أحضره، وكان البارحة، وأكل العجوز ضعف ما أكل، فاهتاج الجسد وصرخ بغضب، ما هكذا تعامل رفيقك يا صاحب الجسد! وصاحب الجسد كان منتكساً في غيبوبته، ما استطاع أن يستخدم ورقته الخاسرة، ما استطاع أن يقولها، قوة النعمة تركته وحيداً يواجه جيوش الطعام الخبيث، فكسروا حصن الجسد حتى استسلم ورقد.
- مات حميد! مات حميد وتركني وحيدة!
أمي توَّلوِل وتضرب براحتي كفيها على فخذتيها الواهنتين، أردت أن أقول شيئاً عن أننا معها لكن الصمت أفضل في هذه المواقف، ستعود إلى طبيعتها ما إن يلفها وشاح النسيان بدلاً من ذلك الوشاح الأسود، كذا النسوة كلهن.
لاحظت عمي يقف خارج الغرفة ينظر لنا بشيء من الكره، الإخوة الثلاث، والبنت الوحيدة. شعرت أنه سيقول ما لا يرضينا، لأننا لا نحزن بما فيه الكفاية! وكيف سيفهم خيارنا بالصمت تجنباً لانقطاع الكهرباء المفاجئة عن الحاسوب!
تحاملت على نفسي لأصحبه وأترك أمي في ولولتها مع أختي وعماتي، تصيح واحدة وتدعمها أخرى، هكذا في دائرة مفرّغة من صراخات المصائب التي تثير أعصابي فتصبح مشدودة أكثر منهن! لولا أني لا أملك القدرة على الصياح مثل الديوك ليلاً ونهاراً.
خرجنا للشرفة فسحبت سيجارة من جيبي وأشعلتها بسؤال:
- قل لي يا عمي، ما هي حكايتك؟
يومها، لم ينطق أبداً، واستطال صمته، تماماً كما استطالت أنفاسي على تلك السيجارة فأكلت نصفها، وطار الدخان من فمي بعنف، يصحبه تساقط مأساوي للرماد.
مرّت على تلك الأيام سنوات، وها هم يهاتفونني بأن عمي سعيد في المشفى. أصيب بشيء من تلك الأشياء المباغتة، لكنهم تمكنوا من السيطرة على الوضع وهو الآن بنصف خير ويطلب لقائي، يقول أن لديه شيء لأجلي.
.....
ينظر لي الرجل المسن ويشير لي بأن أقترب، أمتثل لما قاله فأدنو منه بجذعي. حينها، يفتح أبواب الحديث، راح يقص عليّ سرّه، يسعل بين الحين والآخر لكن ذلك لا يوقفه، أما أنا فكنت مندهشاً أقصى ما يبلغ الاندهاش من المرء. أحسب أني كنت مخيفاً بعيني المتسعتين. لا ألوم نفسي، فما سمعته من عمي كفيل بأن يمحو العقلانية من لب الرجل العاقل.
حينما انتهى في دقيقتين، لم أدرك من أمري شيئاً إلا محاولتي بكتمان ضحكاتي على ضآلة عقله وسخافة معتقداته. سعل بعمق جعلني أتخيله كبئر يسعل -إذا كانت السعالات يمكن أن تكون عميقة وكانت الآبار تسعل- ويقول بعدها:
- الآن بعد أن أخبرتك بسري وسر معرفتي بهذه الأمور الروحانية، سأعلِمك أنه لديك ابتسامة واحدة فقط، مثل أباك، ابتسمها إذا أردت الموت. يطول عمرك، طالما لم تبتسمها.
هززت رأسي له بلطف ولم أعلّق بشيء. ألهذا طلبني اليوم، لكي يحذرني؟ انزويت في أحد الجوانب وتركت نفسي لأفكاري. الروحانية! آاخ يا عمي، وقعت على رأسك! أصدقك يا رجل، أصدقك، الروحانيات موجودة بالفعل، لكنها ليست كما ترون. تزورني صورة الشيخ الوقور الذي طلبته أمي وأدخلته بيتنا ليحل لنا مشكلة عنوسة أختي ذات العشرين ربيعاً زائد ثلاثة. في الليلة التي تسبق زيارة الشيخ، سمعتها تطرق على صدرها بعنف، وتحادث أبي -رحمه الله- الذي لا يعيرها الكثير من الاهتمام وهو يتصفح الجريدة خلف كوب الشاي العاشر -حرفياً-
ششش لا تتحدث! الأرق والأنيميا يمكنهما أن ينتظران، هذه المرة لا وجود لقوة النعمة، هذه المرة هي قوة "أنت لا تفقه شيئاً"
لكني حاولت، حاولت شرح أن الشيء إذا زاد عن حده انقلب لضده، والشاي ليس استثناءً، وكلما أحاول، كلما تأتيني قوات "أنت لا تفقه شيئاً" لتقول لي"أنت حمار" ثم تهرب عني بغضب. معلم تاريخ يخبرني بألا أحارب الواقع، وأن الشاي يجري في دماء المصريين لسبب لا يعلمه إلا الله.
لم يسمع أبي طرقة أمي العنيفة على صدرها، أو سمعها ولم يعيرها الاهتمام، فعادت تطرق بقوة أكبر وأضافت صوتها لينتبه لمصيبتها الكارثية:
- البنت!
لا يتحرك، ولا تهتز جريدته، لا يرفع عينه حتى وهو يرد:
- ما لها يا أم البنت؟
تقول بنبرة أشبه بالبكاء:
- البنت داخلة في ثلاثين سنة، تعنست بدري!
هذه المرة يُنزل جريدته عن وجهه، ويطالعها من فوق عويناته بنوع من الحيرة، على الأغلب كان يحاول أن يحسب متى أنجباها وكيف قاربت على عقدها الثالث. بعد لحظة، بدا أنه أدرك أنها تبالغ كالعادة، فعاد يخبئ وجهه خلف الجريدة ويغمغم:
- يرزقها بابن الحلال.
أمّنت على دعائه:
- قادر يا كريم!
ثم اقتربت منه وقد كانت تجلس متربعة على الأريكة بجوار الكرسي الذي يجلس عليه:
- اسمع، منار، أنثى الثور، جلبت لي رقم الشيخ عبد المعطي.
أبي لا يحب المهاترات، أو المقاطعات، قال بملل:
- دعيني أخمن، عالج عقمها الذي استمر لشهر بعد زواجها؟
- يا كريم! وصلتك كراماته أنت الثاني! بخ بخ.
يصدر أوامره من وراء جريدته:
- لا تدفعي الكثير من المال يا محاسن.
تقول بفرح:
- أوامر يا سيدي.
أضحك على تصرف أبي إذ شهدت الموقف، لمَ تسرق الجريدة منا رجلاً رائعاً مثله! وكيف يجد المرء ألفته في كلمات لا تنتهي على ورقة عملاقة، يصيبني الهلع كلما تذكرت أني سأصبح مثله في يوم ما. إذا كانت كرة القدم قد اختُرعت لتلهي الشعوب، فالسياسة والأخبار اختُرعت لتلهي أصحاب العقد الرابع وما فوقه، في فترة يجب أن يعيشوا فيها حياتهم بحيوية أكثر، وتفاؤل أكبر.
في اليوم التالي فتحت الباب لزائر ثقيل لم يحبذ فكرة رفع إصبعه عن زر الجرس، وإعطاء فرصة لأصحاب البيت أن يمشوا على أقدامهم بسرعة طبيعية ليفتحوا له. الشيخ عبد المعطي، لحية خفيفة، ووجه بشوش يعطي سمة صدق في الأقوال، ولا علاقة لها بالأفعال. جلب لأختي كيس بلاستيكي، ثم أمرها، قبل أن تنام، بأن تقول سبحان الله خمسة عشرة مرة، والله أكبر سبع مرات، والحمد لله ثلاث مرات، ثم تنفخ في الكيس حتى يملأه هواء صدرها المحمّل بخبث الجن العاشق الذي يسكن جسدها، قبل أن تكتم ذلك الهواء بالداخل، ثم تفرقع الكيس لتحدث صوت فرقعة -سيكون مثل الرعد في أذن الجني- لترهب الجني العاشق.
كرريها كل يوم على مدى شهر و -إن شاء الله- سيذهب الجني بلا رجعة. آمنتُ تماماً بعبثية ما قاله، عدد المرات التي تقول فيها سبحان الله لا علاقة له إلا بعدد الحسنات التي ستحصل عليها، لكن يا فتى، ماذا تعلم عن الروحانيات لتأخذ مثل هذه الأفكار -الكفرية- عن عملنا!
الأسوأ، يتم مزج علم الأرقام والحروف والفلك مع تلك الروحانيات، ليصبح اسم الرب مقترن بالأرقام والحروف، وتجد الكافر يكفّر مسلماً، مرة يكفّره لفظاً، ومرة يكفّره فعلاً، بأن يجعله يتّبعه فيما يقوم من به كفر.
لم أتحامل على الشيخ عبد المعطي كثيراً بعد الحوار السريع الذي دار بيننا، فعلى ما يبدو الرجل لا يريد أجراً. "أجري على الله يا ست محاسن" يقولها ثم يسبح الله بصوت خفيض فلا يخرج لنا من صوته إلا طرف حرف السين الخاشع، الذي يعطي انطباعاً بالتديّن والإيمان. لوهلة بدت لي حركاته أقرب لحركات محترف يبغى شيئاً، ولوهلة بدا لي أن الدين تجارة، ولوهلة رأيت بريقاً في عينيه.
لكن بعد كل شيء، لربما أظلمه. لا بأس يا شيخنا، سأمررها لك، تبدو نيتك طيبة، وخير ما لا ينفعك، هو ما لا يضرك. طالما لا تطلب المال، فنيتك حسنة. كذا ظننت، حتى فطنت للأمر، كيف سيدوي صوت الرعد في أذن الجني لمدة ثلاثين يوماً؟ الكيس ينفجر مرة واحدة فقط، فاتتني الجلسة منذ البداية إذن، ذلك الكيس البلاستيكي الذي أعطاه الشيخ لأختي، هو كيس خاص، تم دهنه من الداخل بدهن أنثى فرس النهر التي لا تُرى سوى في أدغال أمريكا الجنوبية -وذلك هراء فاخر كما هو واضح- وبسبب ندرة ذلك الدهن، فسعر الكيس البلاستيكي ذاك، مئتان جنيه! جنيه! ذلك حتى قبل أن يُهان ويفقد قيمته.
أمسكت الكيس في حيرة لأنظر بداخله، يلمع من الداخل، وأقسم أن تلك الرائحة هي رائحة زيت! زيت التموين الحكومي! أنا أعرفها جيداً.
واجهت الحقائق، أمي لن تشكك بالطبع في كلام الشيخ المبروك، لا بد من أن يكون ذلك الوجه البشوش منزّه عن الخطأ. ثلاثون كيساً، ثلاثون مائتين جنيه، أموال أتت بعرق جبين رجل كادح، تذهب ببساطة إلى جيب نصاب! رأيت الشيخ وهو يقبّل المئتين جنيه الأولى مقابل الكيس، ثم قال "حي!" بصوت عال، ثم رحل يهبط الدرجات بحكمة الروحانيين، تمنيت الله أن يقع فتنكسر رقبته على السلم. الذي لا تقدر عليه، أدعُ عليه.
ذلك كان طرف خيط الأفكار الطريفة التي بدأت تنتابني لدى سماعي للكلام الطفولي الذي سمعته من عمي، الروحانيات يقول الرجل، هو مخبول، يؤمن بشيء غير القدر، بل يجب أن يدخلوه إلى مصحة نفسية بعد خروجه من المشفى. تقترب منه زوجته بأسى، فيمسك يدها في حنية بالغة:
- لا تقلقي يا خوختي، لن أموت، فأنا لن أبتسم أبداً بعد اليوم.
خوختي، رنّت الكلمة بداخلي، للحظات راح الصدى يتردد، وبلا سابق إخطار، انفجرت ضاحكاً، كضبع يفرح بفريسته. أضحك بجنون! لم يسبق لي أبداً أن ضحكت بهذه الطريقة! الأمر طريف للغاية! أسمع أصواتهم، وأراهم من نافذة عيناي الضيقة بسبب الضحك، يتجمهرون حولي ويسألونني عما إذا كنت في خير أم لا، لست بخير، أنا في شر ضحكاتي. الهرج يعم المكان، أستطيع سماع صراخ عمي وهو يندب حظه بأني سأذهب إلى والدي، يقول في نوبة سعاله اللامتناهية أنه حذرني، لكنك لم تحذرني من الخوخ يا عم!
تزداد وتيرة ضحكاتي وتنقطع عني الأصوات، استبدلها ذلك الصفير الحاد، الدماء تعلن عن مغادرتها لقلبي الذي أعلن استسلامه على مواكبة زخمها ورتمها، وفيم يهم ذلك! سأستبدل قلبي بخوخة! خوخة تحدثني وتقول لي "لماذا لم تلحظ أني أشبه المؤخرة؟" فأبادلها بين القهقهات واحداً مثل الذي سألَته"ولماذا تبدو كلمة مؤخرة طريفة جداً الآن؟" لا تجاوبني ولكنها تضحك معي "لأنها مؤخرة!" وطفقنا نضحك سوياً بهيستيرية شاربيّ حشيش من النوع المستورد.
راحت الخوخة فجأة تقص عليّ كل النكات التي سمعتها في حياتي، وجميعها تبدو مضحكة. أضحك وأضحك، أشعر بقلبي يؤلمني، لكني أستمر بالضحك، الألم يزداد لكن النكات أقوى من الألم.
أضحك ثم أضحك، أسعل وأضحك. صدقت قواك الروحانية يا عمي، أراهم قادمين لسلب منبع حياتي مني. لكني لا أهتم، سأضحك للمرة الأخيرة، وليعم الظلام كما يريد، وليذهب النور للأبد.
تمت.
لوحه سيرياليه هي تلك ..وكل قصصك كذلك ..وان اسقطنا عم البطل علی عم الموءلف لعلمنا سبب حزن الكاتب وسوداويته ..اسلوبك للاسف متقن لغۃ في عل لا يناسب الا شريحه قليله جدا جدا الان ..ولكن عليه فاثبت فانه الصواب كما كان عمك العراب يصر حتی قضی ..
ردحذفيصعب التعليق علی قصصك جدا لانني اتوه في تفاصيلها الكثيره ..وهذه ميزه ..ولا يحسن تلك النوعيه من الكتابه الا قلۃ نادره ..ولكن للاسف كما قلت قله من يفهمونهم ..
ولكن استمر علی ماانت عليه ..وان كنت وحدك ..
كل التوفيق ..وحتی تحترق النجوم..
يا أهلاً وسهلاً بك، أنرت المدونة.
حذفبصراحة، أعترف بعبثية الأسلوب وتداخل الكلمات. أعترف أيضاً أن هذه القصة بالذات، هي من ضمن أكثر ما كتبت تعقيداً من ناحية الأسلوب، فحتى أنا أتضايق من التداخل وعدم الانسجام في بعض مقاطعها، ولكن هكذا يجب أن تكون الأمور للأسف، والطريق يجب أن يُمشى لآخره، بالذات في القصص القصيرة من هكذا نوعية. وأصبت، وإن كنت وحدي سأواصل فعل ما أفعل، لأني أحبه، الشغف مجاني وللجميع.
طبعاً صحيح أن أسلوب عمي أكثر بساطة وسلاسة من هذا، ولكن نعم، الكوميديا السوداء هو شيء أساسي في كل شيء يكتبه تقريباً. رحمه الله.
سعدت جدا بمرورك جنابك الكريم، وأشكرك عليه جزيل الشكر. نعتذر على التعقيدات.
تحياتي.
حتى تحترق النجوم.
يا إلهي ما هذا؟ لا بد لك من ان تكون مخبولا لتكتب مثل هذه الاشياء يا براء ههه أبدعت حد الثمالة لا احد يعبر بهذه الإرياحية والعفوية كلها، في الواقع قصتك لا تحتاج الى تعليق لأنها تعلق على نفسها بنفسها، ذلك العم المعتوه هه لكم أضحكني حتى وهو على فراش الموت يؤمن بأن الابتسام مسبب للموت، وهو عكس مما يتوافق مع العلم إذ علميا الضحك يساعد على تحفيز القلب والتخفيف من الضغط النفسي اذا لماذا يلفق فرضية لا اساس لها من الصحة وبشكل عجيب تتحقق فعلا.. واكاد أجزم أن بعد تحقق هذه الصدفة ستتخذ العائلة هذا العم شبخا روحانيا مهما وتبني له قبة مقدسة حتى بعد وفاته يتعبدونه فيها ويطلبون منه التسليم هه، الامر يذكرني بكذبة فوائد الجلد التي انطلت على الأم وكانت السبب في وفاة والده بينما ربطها العم المخبول بضحكه وهو على مشارف الموت، كما ان البطل في النهاية لم يمت حقا بسبب ضحكه، بل بقوة سعاله التي كان سببها التدخين على حد علمي هذا يبدو اكثر منطقية، الشيء الذي يجعلني اتوصل لطرف خيط اعرف منه على لاقل ما هو هدف او مضمون هذه القصة الغريبة .. ربما هذا يعني ان الناس يبررون مشاكلهم باسباب مغالطة في حين انهم لا يعرفون الاسباب الحقيقية او يعرفونها ولكن يغضون الطرف عنها.. يشخصون علاتهم تشخيصا خاطئا..كالأم التي استعانت ب"الروحاني المزيف" وكلامه الفارغ لحل مشكلة عنوسة ابنتهما "اذا افترضنا أن هذا يعتبر مشكلة" بينما الاستعانة بالكهنة والإيمان بالرموز والأبراج الشركية لا يعتبر مشكلة عندها، قصة تميط اللثام عن مدى الجهل والقرف الذي لا يزال يغوص فيه مجتمعنا العربي رغم التقدم التي وصل اليها العالم اليوم . لكن رغم ذلك ولنتفاءل خيرا بجيل يبنيه أشخاص واعيين ومثقفين مثلي ومثلك .
حذفأطلت الحديث وانا لا أحب الكلام الكثير ، كما أنني لست محللة جيدة قد اكون اغفلت الكثير من النقاط لكثر ما أدخلتني في متاهات ففي نقطة معينة أربكتني بمشهد قراءة الأب للجريدة وهو الذي ظنناه ميتا، ثم فسرت الأمر بأنه ربما يكون مشهد فلاش باك او لا ادري ماذا يسمونه مشهد "اعادة السيناريو للوراء قليلا "ههه، لكن قصتك بالفعل تستحق القراءة والتدقيق، لكم تمنيت لو كان عبد المغيصيب تعجبني دائما تحليلاته.
حظا موفقاً
أسماء
بصراحة أوافقك الرأي، فالقصة غريبة، حتى أنني لا أريد أن أُلبسها ثوب القصة، ولكن لا أعلم، يقولون أن كل ما له حبكة هو قصة، لذا لا أدري. ربما سأسميها "كتابات المرة الواحدة" التي بين الحين والحين أجد نفسي أكتبها، يعني لن تتكرر إن شاء الله. لنقل أنها اختبارات قلم قاسية أجريها على نفسي، شيء كهذا. في النهاية هي تجربة للتكلم عن قيح المجتمع المصري وقيح النفس البشرية عامة. تعرفين الأسوأ؟ هذا ليس ربع ما ببالي عن الأمر، لأن القصة قديمة، وثمة قيح جديد يدركه المرء مع الوقت وكلما كبر، وثمة أبعاد أخرى مختلفة تماماً أُضيفت للموضوع عن الشخصية المصرية تحديداً. ليس أنني أحب فكرة الانسلاخ عن المجتمع المصري، وليس أني أريد أن أُظهره بمظهر أسوأ مجتمع على الإطلاق، فهو ليس كذلك أبداً، ولكني أردت أن أكتب عن السلبيات فقط لا غير. هو مثل أي مجتمع له الجيد وله السيئ، وحتى أرقى المجتمعات فيه سلبيات قاتلة وأسوأ بكثير من مجتمعنا المصري الحبيب.
حذفسعيد أنكِ تحدثتِ في نقطة العنوسة، لأن الموروثات البدهية هذه تثير غيظي، ومن هذه الموروثات هو سن العنوسة، فهنا وقفة، من الذي قرر أن هناك سن للعنوسة؟ حين يصاب شخص بحادث أو مرض يقولون "قدر ونصيب" وحين يفتح الله باب رزق على آخر يقولون "أرزااق" لكن حينما تتخطى فتاة سن الخامسة بعد العشرين دون زوج، الأرزاق والقدر والنصيب يتلخصون في كلمة واحدة: عانس! لا نقول حظ، ولا نقول لم يأذن الله بعد، ولكن نقول كلمة أنا متأكد من أنها تؤذي وتخدش أكثر بكثير مما يُرى، وكأننا نحاسب المرء على لون شعره مثلاً. هو النفاق المجتمعي على أكمل وجه.
لكني لا ألوم أحد بكل حال، فهذا ما وُلد وتربّى الكل عليه، إنما فقط أشعر بالغيظ حين أرى أن المجتمع والعادات والتقاليد تتحكم بحياتنا وأفكارنا بهذا القدر. مجدداً، هذه ليست دعوة للنشاذ والخروج عن القطيع، لا أنادى بالحرية والانفتاح وما شابه، ولكن هي دعوة لاستخدام العقل والوعي الذي ميزنا الله به.
مشهد الأب نعم كان فلاش باك، وأنا لم أوضح ذلك بالشكل الكافي في القصة، لكن هذه نقطة في بحر هلوسات وتعقيدات القصة. تحليلك ممتاز يا أسماء ما شاء الله، أعجبني جداً وأنتِ محقة في النقاط التي ذكرتيها. يذكرني بعمق تحليل هذا الدحمان الذي أفتقد هههه أرجو له الخير والسلامة أينما كان.
أشكركِ جزيل الشكر على الدعم والمرور يا أسماء. بارك الله لكِ وفيكِ، وأدخل السرور على قلبك. لا تنسينا والعالم والعربي من صالح الدعاء.
تحياتي.
مرحباً كيف حالك؟
حذفاه هذا المجتمع يحتاج لكثير من الترميم، ولكن ما عسانا نفعل؟ أن ننبههم، وإن لم نستطع فألا ننجر وراء القطيع على الأقل، ألا نسمح لمعتقدات ورثها أجدادنا من أيام الجاهلية بالتأثير في قراراتنا وأفكارنا اليوم، لا أعترف بالمعتقدات لكني أعترف بالدين والقيم الأخلاقية كأفضل منظم للعلاقات بين الناس، والمعضلة أن هناك من لا يفصل بينهما ويظن أن مخالفة بعض العادات التي لا اساس لها من الصحة يعني مخالفة أمر الله وعصيانه، فمثلا ولنعد لقضية "عانس"
إن فاتت سن الخامسة والعشرين يولولون ويخيطون الشوارع بحثا عن راقي يخرج منها الجني العاشق او يفك سحر احدى عماتها الشريرات،
واذا تدمرت نفسية البنت من كلام الناس، ويئست من الزواج، يقولون لا هذا لا يجوز يجب أن تكملي نصف دينك، ولكن اذا فاتتها صلوات اليوم في عرس أو تجمع عائلي لا يلتفت اليها أحد أو ينصحها انتبهي الى دينك !
معايير مزدوجة، يستخدمون الدين كأوراق لعب يسدون بها في الوقت الذي يريدونه، وهذا المجتمع اكثره ان لم نقل كله لا يهمه الدين بقدر ما يهمه كلام الناس
أما قضية الراقي وحده تستحق ان نكتب عليها جريدة، لنا جارة مريضة بالوسواس القهري تشك كثيرا في زوجها، ولم تترك مشكلة الا افتعلتها معه، حتى اخذها الى راقي معروف في المنطقة، واخذ يزيد من شكها بقول لها ان هناك شيطانة تسكن بيتهم، المهم الصدمة ليست هنا
الصدمة في ان هذا الراقي نفسه وجدوه يتحشش في الوقت الذي أذن المؤذن لصلاة الظهر !
لا تعليق طبعاً
نفذ حبري ولم ينفذ الكلام ههه
لهذا أتساءل كثيرا اذا كان الناس بحاجة للرقية الشرعية، لماذا لا يشغلها في هاتفه فقط ويستمع للقرآن الكريم الذي هو شفاء للصدور، لكن لا ! هم لن يتأكدوا إلا اذا قرأه عليهم راقي "منافق" اقصد روحاني تنبع الطاقة الروحانية منه ههه
الله يهدينا ويهدي الجميع يا رب،
وشكرا على ثنائك على تحليلي رغم طوله حين أتحدث تتدفق الأفكار الى رأسي بسرعة وأكتبها بسرعة دون ترتيب لئلا أنساها، سعيدة بالحديث معك، الدحمان؟ أهذا لقبه عندك راحت هيبة عبد المغيصيب هههه هو يهتم أكثر بالجوانب التكتيكية للقصة وقالبها ويدقق في أدق التفاصيل، لو كان هنا لعجز أمام ما لا يعرف ماذا يسميه أقصة أو مقال أم خربشات منتصف الليل عابرة ! لكن أيا يكن لا تتوقف عن نشرها تلك الافكار التي تراودك فجاة كالشهاب ثم تمشي لا تتركها تمشي تلك افكار تستحق أن تدون وتشارَك، أنا أشجعك على الاستمرار، ويوما ما ستصبح كاتباً رائعاً إن شاء الله مثل قدوتك يقرأ لك الشباب..
سعيدة بالحديث معك، وبارك الله فيك ولك اخي البراء طبعا لن أنساكم من الدعاء وفقك الله وأعانك وسدد خطاك، في حفظ الله.
أسماء
بالضبط يا أسماء، أصبتِ، يظن الناس ان العُرف كله يأتي من الدين، بينما جزء كبير منه لا يأتي إلا من عادات خاطئة أو قديمة.
حذفأيضاً يستخدمون الدين لترميم القباحة، هذه هي النفس البشرية باختصار، فكلنا هكذا للأسف، إلم يكن مع الدين فمع أشياء أخرى، المختلف فقط هو درجات نفاق كل شخص، وما وُجد الدين إلا ليكون بوصلتنا نحو الصواب، الآن هو تجارة، نسأل الله العافية والتسليم من الفتن.
قصة ذلك الشيخ الحشاش متكررة بشكل فج ومضحكة نوعاً. ذكرتني بشيء مشابه، ثمة جامع في مدينتي، في شارع ليس الأفضل من ناحية الدين والأخلاق وما شابه، في هذا الجامع يوجد جماعة من إياهم "المتصوفة" يديرونه، وأولئك لو تعلمين في عالم آخر، غير الآذان المختلف، أولئك يشربون الحشيش كلما أرادوا، بل يشربون ويصلون ويؤدون طقوسهم الغريبة، ناقشتهم يوماً، يقولون "نترفع" و "نرتقى" إلى الله، ولا أعلم، كان هذا يضحكني بصراحة كلما تذكرته، ولا أريد أن أصدر الأحكام هنا فلست من يحاسبهم لكن.. هذا غريب.. فقط غريب.
حتى أن طه حسين كتب في روايته أو سيرته الذاتية "الأيام" عن أشياء مشابهة حدثت له شخصياً وهو طفل، مشايخ في الظاهر وفي الباطن يتحرشون بالأطفال، ونحن نتحدت عن بدايات القرن الماضي، يعني هذه الأشياء ليست مستحدثة.
على العموم سعيد مجدداً بمرورك يا أسماء. سأحاول ألا أمنع نفسي من كتابة هكذا أشياء، المشكلة أنها في الغالب تتخذ مساراً غاية في الحدة والجراءة وربما العبث والجنون، أو ربما هذا ما أظنه، فأحتفظ بها لنفسي.
مشكورة على العم والكلام اللطيف، ونعتذر عن الرد المتأخر.
حفظك الله بعقلك أختي الكريمة أسماء. تحياتي.