المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٣

في القلب

صورة
  في ذكراه، كانت لا تموت. ينام ويصحو ويرى أحلاماً ويعيش أياماً، يرى وجوهاً فيحفظها وينسى أخرى، خريفه وربيعه وفصوله تتعاقب. الخلق في البحر وهو يغرق. تمر السفينة هائلة وتتركه. ركوب لها هو حلمه. أن يصل لأرض الندى مبتغاه، لكن أرض الندى بعيدة والوصول عسير. أما العاصفة فتعوي والغمام لا يبشر برحيل قريب. هو حينئذ يتذكرها تقيم في جوف الليل داعية، ويسمع حروفها باسمه. الخير كل الخير منها. لو تطول فتقطع من بدنها لتحييه لفعلت، ويبكي فيقول والله لفعلت! ثم هو يهدأ ويستكين، ويقول يا رب الدعوة احفظها، فإن كان نصيبي من الموت حقاً مكتوباً في ساعتي تلك، فإنك تعلم أن موتي موتها وأن مالها من غيري، وإن لم أكن عبدك الصالح في دنياي هذه، فسخر لها من عبادك الصالحين ألفاً. أيا رب الدعوة احفظها.  وتظلم دنياه ويغيب عنها، ويسلم للموت ويرضى، ثم هو يفيق على جزيرة فيدور بها ويرى طفلاً فيسأله بجزع في أي أرض أنا، ويجيبه الطفل وقد كبر وصار فتياً، أنت في أرض الندى، وهو حينذاك يرى بيته من بعيد فيفرح، فيترك الصبي الذي كبر شاباً ويركض ويصيح ها قد أتيت يا أماه! ها قد أتيت يا من في القلب!

أن تكون جوبلز

صورة
  الإعلام . كلمة قد تبدو عادية هادئة، لكنها أكبر من مجرد حروف متراصة. أكبر من أداة وأكبر من منظومة وأكبر من تأثير وأكبر من نشر الخبر إلى الناس.  تنظر حولك هذه الأيام وترى ناساً يصرخون بحماس على الشاشات أن ذاك طيب وذاك شرير. يحاولون نصرة شيء قد تراه وقد لا تراه. يلبسون البذلات ويتأنقون ثم يظهرون أمام الآلاف. يقولون كلمة فيكذبها ألف ويصدقها ثلاثة آلاف. هذا بالضبط ما يعنيه أن تكون إعلامياً في هذا العصر.  ثم لا حديث عن الإعلام بدون الحديث عنه، يوزف جوبِلز، بول جوزيف جوبلز، يوسف جوبلز، سمه ما تشاء. بطلنا هنا هو الراعي الرسمي لغسيل الدماغ الذي حدث لأعداد كبيرة من الشعب الألماني إبان فترة الحكم النازي. الحديث هنا عن وزير الدعاية و الإعلام -البروباجاندا- لهتلر. الحق؟ لا كلمات تصف ما فعله الرجل، لكن تخيل إقناعك لشعب أن الدم والدخان والبارود من ضروريات الحياة الكريمة لهم. أن تقنعهم أنهم الجنس الأسمى وأي جنس غيرهم يستحق الموت والإبادة. تخيل أن يكون عدوك الأول هو الرجل المثقف لأنك لن تتمكن من غسل دماغه. أن تكون صانع أسباب الحب وصانع أسباب الكره. أن تكون صانع القرار داخل العقل والفكر. هذا يا سادتي