أن تكون جوبلز

 

الإعلام. كلمة قد تبدو عادية هادئة، لكنها أكبر من مجرد حروف متراصة. أكبر من أداة وأكبر من منظومة وأكبر من تأثير وأكبر من نشر الخبر إلى الناس. 

تنظر حولك هذه الأيام وترى ناساً يصرخون بحماس على الشاشات أن ذاك طيب وذاك شرير. يحاولون نصرة شيء قد تراه وقد لا تراه. يلبسون البذلات ويتأنقون ثم يظهرون أمام الآلاف. يقولون كلمة فيكذبها ألف ويصدقها ثلاثة آلاف. هذا بالضبط ما يعنيه أن تكون إعلامياً في هذا العصر. 

ثم لا حديث عن الإعلام بدون الحديث عنه، يوزف جوبِلز، بول جوزيف جوبلز، يوسف جوبلز، سمه ما تشاء. بطلنا هنا هو الراعي الرسمي لغسيل الدماغ الذي حدث لأعداد كبيرة من الشعب الألماني إبان فترة الحكم النازي. الحديث هنا عن وزير الدعاية و الإعلام -البروباجاندا- لهتلر.

الحق؟ لا كلمات تصف ما فعله الرجل، لكن تخيل إقناعك لشعب أن الدم والدخان والبارود من ضروريات الحياة الكريمة لهم. أن تقنعهم أنهم الجنس الأسمى وأي جنس غيرهم يستحق الموت والإبادة. تخيل أن يكون عدوك الأول هو الرجل المثقف لأنك لن تتمكن من غسل دماغه. أن تكون صانع أسباب الحب وصانع أسباب الكره. أن تكون صانع القرار داخل العقل والفكر. هذا يا سادتي ما يعنيه أن تكون يوزف جوبلز. 
يقول جوبلز الذي كانت كلمة سره دون شك هي الإعلام، أعطني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعي. يقول استمر بالكذب حتى يصدقك الناس، ويقول كلما سمعت كلمة ثقافة تحسست مسدسي. 
إعلامي أم خبيث؟ أم كلاهما معاً والعملة واحدة أصلاً؟ ضلالي أم يصنع الحق؟ أم كلاهما معاً والإعلام يشهد؟ كاذب ذكي أم إعلامي بلا ضمير؟ من هو فعلاً؟ قد نعرف وقد لا نعرف. أما ما نحن متيقنين منه، هو أنه ليس سهلاً أبداً أن تكون جوزيف جوبلز، لكن من السهل جداً أن تغسل دماغاً عن طريق الإعلام، لذا الحذر الحذر. 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرجل الذي لا يعرف

انتهى الدرس

الرجل الثاني على اليمين