أكرهها


لا أحبها. لا أذكر كم مرة قلتها. إني لأكاد أفتح شباك النافذة وأصرخ خلالها "لا أحب السياسة! لا أحبها!" 

لماذا؟ لأنها كالسلم. كلما صعدت درجة، وكلما تعمقت، كلما اكتشفت أن جل السوء في العالم بسببها. والوضع الآن يجعلها تسيطر على فكر المرء. إذا حاولتُ كتابة شيء ما لا أستطيع كتابة إلا كل ما هو مرتبط بالسياسة. حتى أفكار قصصي التي تراودني في الآونة الأخيرة كلها سياسية بحتة، حتى أحلامي -والله شهيد- جزء منها سياسي!

هل ينسى أحد السياسة التي جلبت الدم على العراق قبل عقدين تقريباً! ذلك الجرح العميق الذي كان ظاهره جمل هادئة من رجل له مع الله حساب، تراه يتحدث واثقاً عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وعن سلامة وأمن المنطقة. الشهم يريد أن ينقذ شعباً من حاكمه الظالم، ويبحث عن سلامة منطقة تبعد عنهم آلافاً من الكيلومترات. 

هذه كوميديا سوداء. الباطن كنا جميعاً نعرفه. لعبة لم تغب عن عقل طفل صغير. الباطن سياسة البحث عن النفط التي كلفت ملايين الأرواح العراقية. مع الخصم ربما مئات الآلاف فقط. صفقة مقبولة مقابل أطنان النفط التي خرجت من العراق آنذاك.

 ثم تأتي قوة الإعلام. ثمة سر رهيب في موضوع استخدام الأطفال والنساء كأداة للتعاطف ولكن في صالحهم فقط، لأن الأشقر الأمريكي في عام 2002م تحدث أيضاً عن استخدام -الحاكم الظالم- للأطفال والنساء دروعاً بشرية، وهي نكتة، وتجعلك تتذكر ادعاءات جيش الاحتلال الحالية. أحياناً يُهيء لي أنهم سيحلمون بكابوس في اليوم الذي لا يتحدثون فيها للإعلام عن هذا الأمر.

 نتنياهو يتصل بالأشقر -بوش- في منتصف الليل "يا رجل، أنقذني!" يرد بوش بعطف وحنان لم يعطه حتى لزوجته من قبل "اهدأ يا أخي اهدأ. ماذا هنالك؟" يتنهد نتنياهو بأسى "حظيت بكابوس رهيب. لأنني.. تخيل! تخيل لم أتحدث اليوم للإعلام عن استخدم المقاومة للأطفال والنساء دروعاً بشرية" يشهق بوش بشدة مصدوماً من هول المفاجأة، قبل أن يرد بنبرة خفيتة مواسية "اهدأ. سأتحدث مع بايدن كي يرسل لك بضعة مليارات كي تمسح بها دموعك، وغداً سنقول للإعلام أنك أصبت بندوب نفسية بسبب المقاومة لدرجة أنك صرت تحلم بكوابيس. وصدقني سيدفعون الثمن!"

والأمر مرعب. لأنه غسيل دماغ لم يصل فقط للشعب الغربي، بل وصل لنا وتوغل فينا، وحينما أجمعنا أقصد "العرب" لأنه البعض لا يعتبرون أنفسهم عرباً وهم يعيشون وسطنا. قبل فترة قريبة قابلت شاباً لن أقول أنه مثقف لأنني لا أعرفه فعلاً، لكنه ولعجبي قال بمنتصف كلام عابر ما معناه أن القضية حالياً تأخذ أكبر من حجمها.

 لم أعلم ما يجب قوله لأني لم أكن مستعداً لسماع ذلك. وهنا، هنا بالضبط، يأتي غسيل الدماغ الحق. أنت لن تتكلم عن أطفال يموتون كل ساعة، لأن العالم مكان سيئ والقتل يحدث فيه كل يوم. ستقول إن القضية تأخذ أكير من حجمها، وقد تظن أن هذا يعكس كم أنت مثقف كبير وترى العالم بعيون واسعة. جميل. هناك قتل في كل مكان بالفعل، لكن هل هناك قصف لمستشفيات؟ هل هناك مكان على وجه البسيطة يحدث فيه هذا الآن؟ حرب أوكرانيا عدد القتلى فيها أقل من عدد قتلى فلسطين منذ السابع من أكتوبر! المزيد؟ أولئك أغلبهم جنود رجال يحتملون الألم والأسى، وقتلى فلسطين مدنيين عُزّل لا مكان لديهم ليذهبوا إليه وبينهم أطفال. عزيزي أعرف ما سيأتي، المقاومة قتلت أطفالاً إسرائيليين في السابع من أكتوبر. الأوغاد قطعوا رؤوس رُضع. حتى هنا لا عيب عليك، لأننا لا نعرف حقاً ما حدث في السابع من أكتوبر. صحيح لم تكن هناك كاميرات كثيرة لتوثيق ما حدث ولتثبيت التهم على المقاومة، وأي أحد يمكنه قول ما يريد قوله، لكن لا دفاع عن المقاومة هنا. غير أن العيب كل العيب عليك لو صدقت دولاً منافقة تتحدث عن الدروع البشرية وقطع رؤوس الرضع، ثم في الدقيقة التالية يقصفون مستشفيات وبيوت وهم يعرفون أن هناك رُضع ونساء وأطفال بداخلها. أن أجعل كتلاً خرسانية تسحق رضيعاً ليس قاسياً مثل قطع رأسه، ثم إن الطفل بالطفل والرضيع بالرضيع والبادئ أظلم. الجميع يعلم هذا.

الجيد هنا أن ذلك الغسيل لم يصب العالم الغربي كله. بعضهم لا زال يقرأ ولا زال يضع عقله أمامه، يجعلونك تندهش لأنهم يفهمون أصل وحقيقة الصراع فعلاً. تخيل عالماً تكون فيه فخوراً بأبناء جنس عدوك لأنهم يتحدثون الحقيقة فقط لا غير، لعمري ذاك عبث.

 قال أحد ما لا أذكره عن حدث ما لا أذكره "أُحس أننا نعيش في حلقة من حلقات المسلسل الغربي الشهير المرآة السوداء-black mirror. واليوم بما أراه أمامي، ليس عندي أي شك أننا بالفعل نؤلف حلقة رائعة وممتازة لهذا المسلسل الشهير بكآبته وسوداويته المفرطة. حلقة فاخرة صف أول، ومكتوبة بدماء الفلسطينيين الساخنة.

آه من السياسة. شر عظيم أقول. فإذا تخطينا العراق وفلسطين وما حدث فيهما سابقاً، فماذا عن سوريا في العقد المنصرم؟ ماذا عن السودان الآن؟ ماذا عن وعن وعن..... هل هذه مجرد صراعات عادية؟ لأجل لا شيء؟

إنها اللعنة يا سادة، السياسة، الشيء الذي يجعل الموت مباحاً في كل مكان وزمان. بطل القصة الآن هي غزة وفلسطين. وعلى مر الزمان سيأتي أبطال جدد بحكايات جديدة، لكن هذه الحكاية تحديداً بدأت منذ عقود، اختلفت ملامحها ولم يعد يُنظر لها على أنها سياسة بحتة بينما هي كذلك في الواقع. ولا أريد أن أبتعد كثيراً وأقول إنها قضية دين أصلا.

 الحق لا يُنسى أبداً؟ هراء. قرن إلا ربع والعالم -ليس كله- بدأ ينسى بالفعل من المحتل ومن الذي بدأ الصراع. حقيقة بسيطة. البشر ينسون الحق!

هل قلت أنني أكرهها؟ السياسة أقصد؟

 الأمرغريب. تجد نفسك منغمساً في كل ما تكرهه رغماً عنك. يخبرك صوت، لربما يجب عليك أن تهرب مما تكرهه ذاك. اعتزل وابتعد. لكنك تسأل نفسك، هل ستقدر على هذا؟ هل ستحتمل مثلاً ألا تسمع خبراً عن كائن مضحك تحدث عن إلقاء رأس نووي على غزة؟ أعني عليك أن تضحك قليلاً على عقول السخفاء بين الحين والآخر. لكن جدياً وبصراحة، ثمة ناحية نفسية في الموضوع، لا أعتقد أن المرء سيحتمل أن يبتعد هذا القدر عن المشهد، ما لم يكن قلبه قد مات بالفعل أو شيء كهذا. قد أعترف أنني إنسان أناني يحب نفسه في المقام الأول، ولكني أيضاً بشر يملك مشاعر ويتأثر، ثم من يكره نفسه على كل حال! إن الذي لا يعترف بحبه لذاته، هو ذاته الذي سينجح في أن ينتشل نفسه من دوامة القضية. عليك فقط أن تكون إنساناً وتتخيل نفسك مواطناً في غزة أو غير غزة من الأماكن إياها.

وفي وسط كل هذا عليك أن تسأل نفسك، هل حالنا يسر؟ هل نستحق النصر؟ لا أعلم صراحة، لكن ما أعلمه هو أنني أكره السياسة.





تعليقات

  1. مبدع كعادتك أخي البراء... لكن دعني أخبرك أمرا لم تقتل المقاومة الأطفال ولم تذبح الرضع ولم تبقر بطون الحوامل كما ادعى النتنياهو لأنه ببساطة لا توجد صور وصدقني الغرب هوايته التصوير بالجوال حتى وإن كان من بني جنسهم يموت أمام أعينهم عوض مساعدته يلتفون حوله حاملين جوالاتهم.. ولو كان كما قيل لضج الإعلام بدلائلهم ضد المقاومة وكما قلت أخي حقيقة لا نعرف تفاصيل السابع من أكتوبر... عكس ما يحدث في غزة والله رأيت رضع بلا أطراف وبلا رأس.. رأين أشلاء البشر مترامية في الشوارع لدرجة أنه تتابني شعور أن القصف على بلدي من هول ما رأيت من مشاهد للشعب الغزي.. كلنا نكره السياسة من منا لا يفعل!!.. لكن القضية هنا دينية بحتة. قضية تطهير عرقي... أتخالهم سيتوقفون بعد الإنتهاء من فلسطين؟! .. لا ستطول أيديهم لما جاورها من دول عربية مسلمة.. وبعدها الدول العربية الإفريقية.. يحتربون تلإسلام والمسلمطن أينما وجدوا... لذلك فإني أقول أن سيناريوهات بايدن وناتنياهو وما شابههم من حيوانات بشرية متعطشة لسفك دماء اامسلمين لن أصدقها مهما حوت من إثباتات... أنا أدعم المقاومة وأؤيدها لأن الأرض لها ومن حقها استرجاعها... أزيز الصمت

    ردحذف
    الردود
    1. أنا أعرف أن المقاومة لم تفعل أي مما نُسب لها، لكني حاولت استخدام المنطق مع أولئك. أردت مدخلاً مختلفاً غير مدخل الإثباتات والدليل والتصوير وخلافه. ثم هي لعبة يستخدمونها منذ الأزل مع أي عدو لهم. أي شخص يبحث عن تاريخ حروبهم سيدرك ذلك بسهولة. إنه النفاق، وهو وجه من وجوه الكذب، وهما وجه من وجوه السياسة الكثيرة.
      غير ذلك اسمحي لي بالاختلاف مع جنابك. من وجهة نظري لا أعتقد أنهم بعد الانتهاء من فلسطين سيسعون السيطرة او احتلال بقية الدول العربية. الحرب ليست لعبة، وجنودهم ليسوا آلات. الآمور لا تسير بهذه الطريقة من وجهة نظري. ثم هم بالفعل على علاقات ممتازة مع دول كثيرة من العرب ومنها للأسف دولتي الشريكة في حصار أهل غزة، فلماذا إذاً سيقطعون هذه العلاقات الممتاز؟
      نعطيهم الغاز ونؤمن لهم مستقبلهم، وهذا الظاهر فقط. نسأل الله التسليم.
      ربما هذه هي النهضة التي ستأتي بعدها الحرب الكبرى.. لا أدري صراحة. لا شيء أسوأ من أن نُساق إلى قدر قد نعرفه بتفاصيله وقد لا نعرفه أبداً بأي تفصيلة منه.
      على كل أشكركِ جداً أختي الكريمة على المرور والتعليق. القضية حية دائماً ولن تموت في قلوبنا. تحياتي.

      حذف
  2. سؤال بسيط أخي في الله... أسيفضلون إعطاءهم الغاز والبترول أم امتلاكه ؟!... سأحدثك بما قاله الرئيس القذافي رحمه الله في أحد خطاباته بخصوص الصهاينة.. هم يريدون تهجير الغزاويين إلى سيناء المصرية وتهجير الضفاويين إلى الأردن..بعدها يضربون مصر بحجة أن المقاومة هناك وتضربهم وكذلك بالنسبة للأردن وبذاك يحتلونها شبرا شبرا... أدعوك أخي البراء لمشاهدة تلك المقاطع فهي مقنعة بشكل عجيب لهذا اغتالوه فقد كان ضدهم.. وكذا مقاطع لنتنياهو يتكلم فيها عن مخططاته... بالنسبة للجنود الخاصيين بهم فهم يربونهم منذ الصغر على حب قتل العرب..

    ردحذف
  3. أعتذر أنا نفس الشخص أزيز الصمت لم أكتب اسمي على التعليق السابق فظننتني شخصا آخر... حسنا أنا معك فيما قلت ولنفترض أن ما تقوله صحيح إذن مالذي سيؤدي إلى الحرب الكبرى التي تحدث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان بين اليهود والمسلمين .. إن قلت لي سينتفضون من أجل الأقصى فأنا أرى عكس ذلك.. ليست قضية إرادة أو تطبيع والحمد لله بلدي ليس ضمن المطبعين بل قضية تكافؤ قوى... حتى لو اجتمع العرب كلهم ضد إسرائيل وحلفائها لن نستطيع القضاء عليهم بالظروف الحالية والأسلحة المملوكة في هذا الزمن فهم دول ذات قوى نووية وهذا ما أراه من نقائص المقاومة.. هي من بدأت الهجوم في السابع ولها الحق في ذلك تحريرا لأراضيها لكن بدون مقومات.. أنظر إلى إحصاءات الخسائر من الطرفين... ولم يتوقف العدو عن القصف لحد الساعة.. إلى متى؟! وكم عدد الغزاويين حتى يبقى منهم من سيكبر ويقاوم.. إنهم يبادون حرفيا.. أظنك ستقول لي كم من فئة صغيرة غلبت فئة كبيرة.. لكن يقابلها اعقل وتوكل... أي وفر جميع المستلزمات والأسباب وتوكل على الله.
    بالنسبة لقولك أنهم لم يربوهم على الحرب المتواصلة... إنهم يجندون الرجال والنساء على حد سواء.. فكرة القتل والمحاربة من أجل أن تحيا دولتهم المزعومة راسخة في أذهانهم واحدا واحدا... أتخال أن بريطانيا وأمريكا بعثوا جيوشهم ودبابتهم وطائراتهم فقط لغزو غزة التي تحوي مليوني شخص فقط ؟!.. انا لا أتحدث لا عن الخطة الكبرى ولا المؤامرة.. لكن منطقيا أيبدو لك هذا عقلانيا؟!... ولا تقل لي أنهم يحتاجونهم للقضاء على المقاومين تحت الأنفاق.. لأنهم كما هو واضح يقتلون الشعب دون اختيار ودون رحمة لايهمهم مقاوم كان أو مدني.

    ردحذف
    الردود
    1. أهلاً بكِ أختي العزيزة أزيز الصمت وسعيد بوجودك دائماً. الحرب الكبرى ستأتي طبعاً، لكن من قال إنها ستأتي اليوم؟ الدول العربية ليست قلة واليهود قلة ومجدداً أتحدث عن الأرقام هنا. ثم الحرب لن تكون بسقوط دولة واحد أو دولتين أو حتى عشرة من دول العرب، بل ستكون بسقوط جميع الدول الإسلامية - ليست العربية فقط- وعلى رأسهم طبعاً منبع الإسلام، السعودية، طبعاً أنا لا أقول إن هذا سيحدث قطعاً وفقاً لأحاديث أو أياً كان، لكني أقول إنه المنطق الطبيعي. والسعودية الآن اقتصادياً وعسكرياً بعيدة كل البعد عن السقوط. ربما هذه هي بداية السقوط، لا أعلم فعلاً، لكن الذي أعلمه أن إسرائيل في يومنا هذا غير قادرة على فعل اي مما تفعله دون دعم أولئك الاستعماريين، الذي بالطبع شكل من أشكاله هي انتشارهم في المنطقة المحيطة بغزة، وانتشارهم ذاك ببساطة تحذير لأي دولة من التدخل و-تصعيد الأمور- على حد قولهم. لن يتدخلوا بجيشهم، ربما فرق صغيرة من تجسس أو غيره، لكن أكثر من ذلك لن يفعلوا. وثقي إنهم لن يخوضوا حرباً هي ليست بحربهم. يدعمون بعتاد أو مال ربما، لكن أن يدخلوا بأنفسهم فعلياً ورسمياً فلهذا تداعيات كبيرة جداً أولها أن غزة لو فعلوا هذا لم تكن لتصمد كل هذا الوقت، وثانياً لن يسكت أعداء أمريكا مثل روسيا والصين وأولهم إيران، وربما سنكون في الطريق لحرب عالمية جديدة، وهم يدركون ذلك جيداً لذا يقفون على الحياد.
      عموماً قادم الأيام سيخبرنا أكثر. من الواضح أن هذا العدوان لن يتوقف في أي وقت قريب، والله أعلم. الدعاء مستمر رغم علمنا أنهم شهداء بإذن الله، ولنا رب ولنا حساب في يوم غير معلوم.
      سعيد جداً بنقاشك أختي الكريمة كما ردك، وأشكرك عليه، وأعتذر لو تحمستُ قليلاً أثناء الرد الماضي. تحياتي.

      حذف
  4. براء الشافعي17 يناير 2024 في 6:34 م

    أهلاً وسهلاً بكِ أختي الكريمة. بصراحة الأمر منذ البداية وهو معروف إلى أي اتجاه سيذهب، لهذا حينما أردت التعزية عزيت بالضعف الاقتصادي الذي يصيب إسرائيل -وإن كان متباطئاً بسبب الدعم الأمريكي- وبأن الشهداء في الجنة مغفور لهم بإذن الله.
    شيئين أود قولهما لجنابك الكريم، أولاً عن آلة الإعلام، يجب أن تفهمي أن الإعلام -غير الأخباري- وظيفته هو إثارة الجدل، أتحدث عن الشخص الذي يقف أو يجلس ويقول كيت كيت وينتقد أو يتحدث برأيه الشخصي عن خبر ما، أولئك وظيفتهم هي إضافة التوابل على المعلومات، وظيفتهم هي هذه بالضبط، لأن هؤلاء لو استيقظوا صباح يوم ونقلوا الأخبار كما هي دون إضافة أي شيء عليها من عندهم، فذاك سيكون آخر صباح لهم في هذه الوظيفة. لذا، كل من يقولون المقاومة ستنتصر قطعاً، أو يقولون إسرائيل خسرت وخسرت والنصر قريب، أو يتحدثون عن نظريات المؤامرة إلخ... أولئك وظيفتهم أن يقولوا ذلك الكلام لأن جمهورهم يحب أن يسمع ذلك الكلام بغض النظر عن الموضوعية والمنطق. لذا النصيحة هي، ابتعدي عنهم بكل بساطة وتابعي القنوات الإخبارية فقط لا البرامج الإخبارية، هناك فرق.
    الشيء الثاني عن المقاومة، تشعرين أنها أخطأت ولكن وجهة نظري أنها لم تفعل، لماذا؟ لأن هؤلاء قوم محتلون مقهورون لأكثر من سبعة عقود، وهذه أرض محتلة، أي منطق في أن يكون لديهم بعض العتاد ولا يستخدمونه خوفاً من العواقب! شيوخهم وشبابهم الذي تربى على الدم والظلم والألم، هل سيخافون؟ وإذا خافوا وصبروا فالكيان يتقدم كل سنة ويفعل الأفاعيل بهم والعالم صامت، ثم أصلاً لو كان الخوف من العاقبة مسيّراً لكل السلام في العالم، لما وُجدت دول مثل اليابان أو كوريا أو بلاد أوروبا وأمريكا. أولئك قبل النهوض والسلام رأوا مآسي وحاربوا حروباً مات فيها مئات الملايين منهم. اختصاراً، طوفان الأقصى كان لا بد منه وإن لم يكن اليوم فغداً. لا يمكنهم دحر العرق الفلسطيني دون مقاومة.
    أيضاً، ذلك الكلام السخيف عن لماذا القادة لا يحاربون بأنفسهم في الميدان ولماذا ينتأون في قصورهم المشيدة، ببساطة هذا كلام هراء ولا أريد أن أقول غسيل دماغ، لأنه أولاً، لماذا لم نسمع هؤلاء يتحدثون عن أن نتنياهو يجب أن يمسك سلاحاً ويحارب مع جنوده؟ ثانياً، القادة هم الدعم المادي فإذا ذهبوا من سيدعم؟ ثالثاً وأخيراً، الجميع يعرف أنه لا قائد ولا رئيس يحارب. لم نر بوش ولا هتلر ولا حتى السادات في بذلة جندي.
    أعتذر على الإطالة لكني ما إن أريد قول كلام فإنني أقوله. تحياتي لكِ أختي الكريمة.

    ردحذف
    الردود
    1. براء الشافعي17 يناير 2024 في 6:45 م

      نسيت رد السلام.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

      حذف
  5. شكرا اخي البراء كان النقاش مع حضرتك مشوقا وبنفس الوقت شرف كبير لي ...بالنهاية لا يسعني القول إلا أن أقول إن القلب لم يعد يتحمل ما تشاهده الأعين من ظلم وقتل وإبادة بحق الشعب الغزاوي وخاصة الأطفال لا حول ولا قوه الا بالله أنهم نقطة ضعفي وذلك ما أثر على تفكيري بطبيعة الحال فصرت لا اعرف لمن أوجه التهم ..وكما قلت إنهم بإذن المولى من الشهداء يا ليتنا نلقى نفس نهايتهم وماندري على أي شاكلة نموت ...اللهم ثبتنا يا رب ...من جهة أخرى أخي البراء أتطلع بشدة لقصة رعب من ابداعك..وفقك الله لما يحبه ويرضاه ... أزيز الصمت.

    ردحذف
    الردود
    1. أزال المؤلف هذا التعليق.

      حذف
    2. الشكر موصول لجنابك الكريم على المرور والنقاش وكل شيء. نسأل الله الثبات والعفو. لم يقل أحد أن الطريق سيكون واضحاً وسهلاً خالياً من الفتن.
      بالنسبة للقصة فثمة فكرة رعب أعمل عليها منذ فترة، أريد مساعدتها -الفكرة- لكنها لا تريد مساعدتي، شيء كهذا، لكن إن شاء الله لها حل.
      أشكر جنابك الكريم مجدداً. كامل امتناني وتحياتي.

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرجل الذي لا يعرف

انتهى الدرس

الرجل الثاني على اليمين