لستُ مزيفة

 

ملحوظة: قد لا تناسب الكلمات التالية ضعاف القلوب والأطفال.

هذه قصة تابعت أحداثها يوماً ما وهزت كياني. لا أعلم من الكاتبة ولا أعلم إن كانت قصة حقيقية أم لا لكني أعلم أن سنوات طويلة مرت عليها ورغم هذا لا أنساها، صحيح قد لا أتذكر تفاصيلها بالضبط لكني أتذكر ما تدور حوله. وقرأتها على قسم مريب من أحد أقسام موقع reddit. وكنت حينها مولعاً بمواقع الرعب الأجنبية المشهورة إياها أمثال creepypasta وأقسام رعب reddit و4chan إلخ... أي حدث هذا في ذات فترة كنت أهتم فيها جداً بتلك القصص، وبالرعب عموماً.

 القصة كانت مرفقة بصورة، وأذكر أن الصورة هي التي جذبتني لقراءتها، وكانت لإصبع بشري موضوع على طاولة ومصور بكاميرا هاتف. امرأة تحكي فتقول إنها وأثناء إعلان خطبة شخص ما كانت تحبه من فتاة ما كانت تكرهها، أرسلت له تحذيراً بأن يبتعد عنها. تقول ظنها مزحة فأرسلت ثانياً وثالثاً ولم يجب أو يستجب، والآن هذا مصير من لا يستمع للتحذيرات. وأنتهى ما لنقل إنه -منشورها- الأول. برسالة أن هذا إصبع الرجل إياه وقد قتلته.

بالطبع، الأشخاص في هذه المواقع متشككين في كل كلمة يكتبها أي شخص ويدعي أنها حقيقية، ذاك أن أشياء كهذه قد يتم تزييفها بسهولة لجذب الانتباه وزيادة التفاعل فقط لا غير. في التعليقات قرأت الكثير منهم يقولون إن القصة مفبركة-fake فصدقتهم لأني كانت لدي شكوكي أنا الآخر. في اليوم التالي وجدت ذات الحساب بمنشور جديد وصورة جديدة لذراع كاملة مشعرة بيد ينقصها إصبع، بذات التصوير السابق. وفوقها أربع كلمات فقط لا زلت أذكرها بالضبط. كتبت وبأحرف كبيرة"أنا لستُ مزيفة-I AM NOT FAKE"

هنا بدأ شيء ينال مني. أعلم عن سهولة فبركة إصبع مقطوع، لكن ذراع كاملة بشعرها؟

بالطبع ذهبت للتعليقات واكتشفت أنه فاتتني بعض الأشياء. الناس ظلوا يرمونها بالكذب وكانوا يطلبون منها تصوير أشياء معينة إن كانت صادقة، والصدمة أنها كانت ترد عليهم وترسل روابط خارجية تحتوي على الصور المطلوبة بعد أقل من ساعة على طلبها، ما معناه أنه لا يوجد وقت لفبركة الأمر. وكانت الصور حسب وجهة نظري آنذاك حقيقية ومقنعة ولن أذكر المزيد من الوصف لها أو لما ظل عالقا بذهني حتى الآن منعاً لإثارة الاشمئزاز.

لكن القصة لا تنتهي هنا. بعد عدة أيام نشرت صورة جديدة لقطعة مطهوة من اللحم. كتبت"خمنوا من سيأكل لحم حبيبه الليلة!" فلم نفهم. بعدها بساعتين نشرت من جديد صورة لما يبدو وكأنه شبح امرأة نحيلة في الظلام، يطبق فكها وأسنانها على شيء ما وتشده بيدها كي ينقطع. كتبت "العاهرة لم تفكر لثانية قبل أن تأكل اللحم رغم أني أخبرتها أنه يعود لخطيبها" وكتبت ما معناه أنها جوعت الفتاة لأيام وأرادت اختبارها.

وهذا منعطف جديد طبعا. لم يعد الأمر مقتصراً على رجل أحبته بل الآن صارت تحتجز رهينة. لا أنكر أني شعرت بالخوف وقتها. الفكرة ذاتها لمستني عميقاً وأرقتني لأوقات. آخر منشور للفتاة قبل أن تختفي تماماً، كانت -والمعذرة على الوصف- لفروة رأس مسلوخة تلوثها الدماء، وكان الشعر طويلاً يعود لامرأة. وتعجبت جداً حين رأيتها أن كيف سمحت خوارزميات الموقع بنشر هذه الصورة! هذه أبداً ليست صورة عادية! 

بعد ذلك انقطعت تلك الفتاة تماماً واختفى حسابها واختفت كل منشوراتها. ما فهمته بعدها أنهم أبلغوا عن منشوراتها فأغلق الموقع حسابها وحذف كل ما هو متعلق بها.


لا أنكر أن ما حدث هذا غير شيئاً فيّ، ربما اتسعت مداركي القليل.  صفعة قالت لي بوضوح إن هذه الأشياء موجودة بالفعل، أقصد القتل والانتقام والتنيكل بالجثث إلخ.. وليس لأني لا أشهد عليها إذن هي ليست موجودة. قبلها كنت أعرف في عقلي أنها موجودة، لكن الصورة البشعة والحقيقية مختلفة تماماً عن الفكرة العامة في الرأس. وكثيراً ما حدثني صديق أو قريب أو حتى بعيد، عن صدمته برؤية حادث دموي معين، يقول نعم أعرف مثلاً أن الرأس تنفصل عن الجسد لكن أن أراها تحصل أمامي فهذا له أبعاد أخرى تماماً.

من ناحية لا أعرف هذه الفتاة، ولا أعرف إن كانت صادقة فيما نشرته أم لا، لكن من ناحية أخرى شعرت أن ما فعلته أيقظني ونبهني وجعلني أرى إلى أي مدى يمكن أن يسوء الأمر. فإذا كانت هذه خدعة فهي متقنة الصنع حقاً، وإذا كانت حقيقة فهي مخيفة مرعبة من أكبر لأصغر تفاصيلها. حتما شيء مثل الكابوس.

نصيحتي الأخيرة هي، لا تتجاهلوا التحذيرات التي تتكرر.



تعليقات

  1. قصة مخيفة، حقا ذلك الموقع تخرج منه العجائب ، على الارجح ما حصل حقيقي، وربما اختفت بعدها بسبب امساك الشرطة بها فهي تستطيع تعقب موقعها من صفحتها على ذلك الموقع بسهولة، اجل معك حق التحذيرات المكررة ليست مزاحا ، هناك قضية قراتها عن طفلة لا يتجاوز عمرها عشر سنوات تقتاد ضحاياها من الاطفال الصغار الى اماكن خالية من البشر ثم تقتلهم بدم بارد، لتكتب بعدها بايام على جدار احد البيوت "انا من قتل ذلك الصبي " مع ذكر اسمها، وكررت نفس العبارة لايام غير ان الشرطة لم تكترث مطلقا وظنتها دعابة طفلة تريد اثارة الانتباه والشغب قليلا، لكن بعدها لم تكف عن قتل المزيد والمزيد من الضحايا لتثبت هويتها وانها صادقة فيما قالته، حقا شخصيتها بسيكوپاتية غريبة برغم مظهرها البريء الخداع حفظنا الله من هكذا اشخاص هه

    ردحذف
    الردود
    1. بصراحة هذه قضية مثيرة جداً للاهتمام. طفلة عشر سنوات وتفعل كل هذا! لو قُدمت فكرة مثل هذه في فيلم ما سيقول الناس إن الفيلم مبالغ فيه جداً، لكن هل الواقع مبالغ فيه أيضاً؟ سأحاول البحث عن الموضوع لأنه صراحة أثار اهتمامي.
      المرء حينما يرى هذه الأشياء يسأل نفسه سؤال، ما الذي يدور داخل عقول هؤلاء؟
      يوماً ما سيتطور العلم لدرجة تسمح لنا بفهم السيكولوجية العقلية بشكل شفاف واضح وصريح. وحينها سنُصدم جميعاً بالحقائق التي ستتكشف لنا من عقولهم.
      بكل حال أشكر مرورك الكريم ومشاركتك لهذه القصة المثيرة عن الطفلة.

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرجل الذي لا يعرف

انتهى الدرس

الرجل الثاني على اليمين