ارضَ عنا يا مولانا


يقول عميد الأدب العربي طه حسين، ويل لطالب العلم إن رضي عن نفسه. وأجد نفسي بين متفق ومعارض. 

المسألة ليست مسألة عدم الرضا العام عن النفس، ليست مسألة جشع وتوق للمزيد من منير العقول، العلم، وليست أن تكون كالبحر، تبتلع كل ما يسقط بداخلك ولا تشبع أبداً لأنك تعرف أنه ثمة مزيد، الرجل هنا يتحدث عن نقد النفس وتهذيبها. نقد في كل لحظة وكل حين. 

ثم هناك ذلك المثل الذي أؤمن به والذي يقول، الشيء إذا زاد عن حده انقلب لضده، وتسأل نفسك، أين الضر في أن ينقد طالب العلم نفسه دائمأً؟

الحقيقة أنه قد لا يوجد. لكني أعلم أن الكائنات الحية حساسة، تقودها المشاعر والغريزة، ولأن الله اصطفانا بالعقل، فنحن من نقود مشاعرنا وغرائزنا بعقولنا، والنقد لا يكون إلا بالعقل، غير أنّا مثل كل شيء في هذا الكون لنا حدود، ولنا قدرات تحمل معينة تختلف من روح لأخرى، والروح التي تنقد نفسها دائماً، وتدفع نفسها للمزيد دائماً، ليست مثل الروح التي ترضى عن نفسها بين حين وحين. الأولى عقلها جعل نفسها معقدة تسعى الكمال، والثانية عقلها يروض نفسها فتسعى ما تبتغيه. الأولى تؤدي بغير راحة وبخوف واضطراب، والثانية تؤدي براحة لكن بحذر وعناية. 

أما أنا فروحي مثل الثانية، وأحياناً لما أجد نفسي قمت بجهد جهيد في عمل ما، وأجد عقلي يخبرني أني كان يمكن أقوم به بشكل أفضل رغم كل المجهود المبذول، أتركه وأذهب لأنام فتحدثه نفسي أثناء ذلك، ارضَ عنا يا مولانا، لقد قمتُ بعمل جيد على الأقل. 

والخلاصة، اقس على نفسك ولكن ليس كثيراً، وإلا فأنت من الأشقياء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرجل الذي لا يعرف

انتهى الدرس

الرجل الثاني على اليمين