القناعة ضعف
أعود مع ذلك الصديق مجدداً، ولا أعلم لماذا تضطرني الظروف للاستماع لترهاته كل مرة، ولكني أحياناً أعتقد أنه ذكي وأنه محق فيم يقول، وأحياناً أخرى أعتقد أنه أبله فعلاً. هذه المرة كنا في أحد المولات الشهيرة الذي لا شك أنه يحتل المرتبة الأولى أو الثانية في قائمة أكبر مولات مصر، وكلمة مول هي كلمة مستحدثة وتعني مركز تجاري ضخم به العديد المحلات التجارية، أى مجمع استهلاكي بمعنى أدق، وهو كالمغناطيس لكل الفئات المستهلِكة، من المكافحين، إلى أصحاب القصور. هو طبعاً للمتواضعين أمثالي وزميلي، دنيا غير الدنيا، عالم لا نراه إلا هناك وهناك فقط، أناس دخلاء على غالبية أهل مصر البسطاء الذين يهشمون البصل باحتراف أثناء تناولهم الفطور على عربة الفول في الشارع. أجد نفسي أسأله فجأة: - هل تظن أن هؤلاء ذهبوا إلى مدرسة وجلسوا في فصل به العشرات العديدة من الأطفال؟ ينظر لي فأكمل: - مثلاً حضروا أجواء سحور عادي تقليدي أغلى مكون فيه هو الزبادي؟ يرد مقلداً صوت عادل إمام في أحد مسرحياته الشهيرة: - أنا لا أعتقد! أحاول نقل طابع الجدية له: - أقصد.. الجينات مختلفة والمنبت دخيل، ألا تظن؟ مصر أخرى غير مصر؟ ألا يجعلك هذا تفكر